سأبدأ موضوعي بمقولة جورج برنارد شو " لا نتوقف عن اللعب لأننا كبرنا ، بل نكبر لأننا توقفنا عن اللعب "
كثيراً ما تاخذني ذكريات الطفولة ، مدرستي الابتدائية ، صديقاتي ، مرح الطفولة و شقاوتها ، كثيراً ما أحزن لانتهاء هذه الأيام الجميلة ، ومن منا لا يتمنى أن تعود تلك الأيام الخالية من المسؤوليات ، المليئة بالبراءة ، بالشقاوة ، وحتى سذاجة الطفولة و الصغر .
سأكون صريحةً بما فيه الكفاية لأقول لكم أني ما زلت عالقة في هذه المرحلة ( مرحلة الطفولة ) ، ما زلت متمسكة بها إلى أبعد الحدود ، على الرغم من الكم الهائل من النصائح التي تنهال علي حينما أطرح سؤالي الدائم " لماذا نكبر ؟؟" (لا أدري لماذا أقول عنها نصائح أصلاً )
منهم من يقول : لا يجوز أن تبقي صغيرة هذه سُنة الحياة ، ومنهم من يقول : الطفولة شيء و الشباب شيء آخر و عليكِ أن تعيشي المرحلة التي أنت فيها الآن ، منهم من يوبخني و يقول : يكفيكي طفولة فقد كبرتي بما فيه الكفاية لتتخلي عنها فقد أصبحت في العشرين ، ومنهم من يقول و يقول.....إلخ.
سأكون صادقة معكم مرةً أخرى أنا أتجاهل جميع هذه الأقوال دائماً و ما زلت متمسكة بطفولتي ، لا أدري سبب هذا التعلق الذي لا يريدني (ولا أريد) ترك تلك الذكريات ،
ما زلت متعلقة بألعاب الطفولة ، بأغاني الطفولة ، ببرامج الأطفال ، وحتى الحاجيات التي كنا نشتريها من مقصف المدرسة
و لطالما وُبخت على هذه الأشياء ، و لا أريد أن أقول لكم كم من مرةٍ سمعت جملة " متى ستكبرين ؟؟ "
لكن لماذا أكبر ؟؟ ماذا سأكسب لو كبرت ؟؟
لقد رأيت ما يكفي من العالم الآخر (عالم الكبار) ، رأيت كيف أصبحنا نكذب باحتراف ، كيف نحتقر بعضنا ، كيف نتصيد الأخطاء لبعضنا ، وكيف أصبح التسامح شيءٌ صعب و مستحيل ، أصبحت الكراهية سهلة و لأتفه الأسباب ، أصبحت النميمة و الغيبة تسلية في حياتنا ، أصبحنا نوقع بعضنا في المشاكل ،أصبحنا وحوشاً ، لا نرى سوى أنفسنا ولا نسمع سوى صوتنا (سواء كان حقاً أم باطل )
ماذا أيضا ؟؟
أصبحنا نتعامل من فوقية مع الآخرين ، من منكم عندما كان صغيراً صادق شخصاً لأجل ماله أو جماله أو حسبه و نسبه؟؟
كبرنا و أصبحنا نعرف الحلال و الحرام ، لكن ما الفائدة من معرفتهم إن كنا سنسلك طريق الحرام دائماً و نجد لأفعالنا الحجة المناسبة ؟؟
كبرنا و أصبحنا نعي و نعرف فن إختيار الثياب الباهظة و الجلوس في المقاهي و المطاعم الفاخرة ، كبرنا و أصبحنا نخجل إن رآنا أحدٌ في مكانٍ رخيص أو شعبي
لا أريد أن أكبر لأكذب و أنافق و أجامل و أرتاد المطاعم الفاخرة و أرتدي الملابس الباهظة الثمن ، لا أريد أن أكبر لأكتسب كل الصفات الشريرة و أتحجج بأنه علي أن أعرف كيف أتعامل مع الناس و إلا أكلوا حقي
إن كنت سأترك الطفولة التي تدّعون بأنني ساذجة لأجل كل هذا فلا أريد... لا أريد أن أكبر
ليس هناك أسمى من ذكرياتٍ صادقة طفولية جعلت منك شخصاً عفوياً ، صادق التعامل ، و مخلصاً لكلماتٍ و أحلامٍ لطالما رددتها في الصغر.
لطالما سرحت بخيالي نحو المستقبل ، كيف سأكون و كيف ستكون صديقاتي ؟؟!!
ربما سأصبح شاعرة معروفة ذات يوم ، وتصبح صديقتي مهندسة مشهورة ، و تصبح الأخرى طبيبة ماهرة ، و أخرى ناظرة مدرسة ،وأخرى كاتبة ،و..و...إلخ.
كم سيكون هذا جميلاً حقاً ، لكن سيكون أجمل إن كبرنا بصدق ، بمحبة ، ببراءة ، و طهارة.
بالنهاية سأكبر و ستكبر رغماً عني و عنك ،حسناً اكبر كما شئت لكن اترك قلبك قلب طفل بريء .
ليس هنالك أجمل من تلك اللحظات التي تستعيد بها ذكريات الماضي #ذكريات_الطفولة ، وليس هنالك أقسى من تلك اللحظات حين تستيقظ من حلم اليقظة هذا و تقول لنفسك " لقد كنت ذات يومٍ أطهر "